الصفحات

الأحد، 4 نوفمبر 2012

الانحلال الإجتماعي وانهيار دولة المماليك


ظل المماليك علي مدي ثلاثة قرون يعتبرون دولتهم طرازا نموذجيا للمجتمع المسلم العادل المحافظ علي مباديء الشرع. والواقع ان هذا المجتمع رفض كل البدع ،وسادته التقوي، وانتشر الإيمان الحقيقي بين فئاته، كما احتضن الخلفاء العباسيين بالإضافة إلي علماء الدين الذين كان لهم الرأي الصائب والكلمة المسموعة.
و تغير الواقع مع مرور الزمن واضحي الامر بعديا كل البعد عن الصورة التي رسمناها ! اذ ان معظم المسلمين بدأوا منذ اواخر القرن الخامس عشر الميلادي يشعرون بتراجع دولة المماليك علي الصعيد الأجتماعي وجاهروا ان مصر أصبحت بلدا لا يطبق مباديء الشريعة الإسلامية.
اما الوافدون الأجانب فقد راعهم جشع الجنود والموطفين حيث سعي الجميع وراء الكسب المادي السهل، واضحي غياب العدالة من المحاكم مجالات لحديث الناس واقترنت سمعة كبار القضاة ومساعديهم بصفة رجال يرتشون فلم يعد القضاء منزها وانغمست الخلفاء العباسيون بممارسة ابشع الأنواع الأبتزاز والاحتيال وقد وصفهم ابن إياس في العهود الأخيرة بالسخفاء والدساسين الضيقي الأفق، يميلون إلي ممارسة اتفه انواع الاحتيال.
وتسابق القيمون علي أمور الدولة، من اعلي المراتب حتي ادناها علي سرقة اموال الخزينة وممتلكات الأوقاف ، يسرفون في تعاطي الخمر والحشيش.
واستشري الفساد في الدوائر الحكومية دون رادع من المثل العليا التي فقدت منذ زمن طويل قوتها الجدية وجاذبيتها واضحت هذه الدوائر عاجزة عن الأبداع واتخاذ القرارات الجرئية لحل اية مشكلة قائمة، وفقد الحكام سلطتهم الفعالة علي الناس، فخسروا بالتالي نفوذهم الإجتماعي وهيبتهم المعنوية، وتأثيرهم الفعال علي مختلف فئات المجتمع.
ولجأ الحكام إلي ممارسة الظلم الذي وقع علي العباد، واغتصاب اموال الدولة وإنفاقها وفقا لأهوائهم وفرضوا ضرائب جديدة، حتي أضحي من النادر ان تعثر علي فلاح يستطيع توفير ما يحتاجه من لباس وسبل عيش.
وانتشر الجوع والتسول في كافة أنحاء البلاد المصرية والشامية واضحي فقدان المواد الغذائية في القاهرة ظاهرة مستديمة وقد غصت المدينة بالمتسولين والمقعدين ممن لا سند لهم وبمتعاطي المخدرات.
وشكلت مظاهر البذح  التي عاشها الحكام تحديا صارخا للفقراء ونتيجة لهذه الأوضاع المتردية حصل انحلال في المجتمع المملوكي وبات من الصعب تصور انحطاط اجتماعي اكثر عمقا من ذلك الذي اصاب المجتمع في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي لدرجة ان ممارسة الوظيفة العامة اصبح عارا نظرا للسمعة السيئة التي لازمت جميع العاملين في دوائر الدولة من اتخاذهم الرشاوي و انعدام الكفاءه .
ما اشبه اليوم بالبارحة